فصل: الشاهد الرابع والسبعون بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.ذوي منصور.

وأما أولاد منصور بن محمد فهم معظم هؤلاء المعقل وجمهورهم ومواطنهم تخوم المغرب الأقصى من قبلته ما بين ملوية ودرعة وبطونهم أربعة: أولاد حسين وأولاد أبي الحسين وهما شقيقان والعمارنة أولاد عمران والمنبات أولاد منبا وهما شقيقان أيضا ويقال لهذين البطنين جميعا الأحلاف فأما أولاد أبي الحسن فعجزوا عن الظعن ونزلوا قصورا اتخذوها بالقفر ما بين تافييلات وتيكورارين.
وأما أولاد حسين فهم جمهور ذوي منصور ولهم العزة عليهم ورياستهم أيام بني مرين في أولاد خالد ابن جرمون بن جرار بن عرفة بن فارس بن علي بن فارس بن حسين بن منصور كانت أيام السلطان أبي الحسن لعلي بن غانم وهلك إثر كائنة طريف وصارت لأخيه يحيى ثم لابنه عبد الواحد بن يحيى ثم لأخيه زكريا ثم لابن عمه أحمد ابن رحو بن غانم ثم لأخيه يعيش ثم لابن عمه يوسف بن علي بن غانم لهذا العهد.
وكنت لبني مرين فيهم وقائع أيام يعقوب بن عبد الحق وابنه يوسف وسيأتي في أخبار بني مرين غزوة يوسف بن يعقوب من مراكش إليهم وكيف أوقع بهم بصحراء درعة ولما أقام بالشرق على تلمسان محاصرا لها أحلف هؤلاء العرب من المعقل على أطراف المغرب ما بين درعة وملوية إلى تاوريرت وكان العامل يومئذ بدرعة عبد الوهاب بن صاعد من صنائع الدولة وكبار ولاتها فكانت بينه وبينهم حروب قتل في بعضها ثم هلك يوسف بن يعقوب ورجع بنو مرين إلى المغرب فأخذوا منهم بالثأر حتى استقاموا على الطاعة وكانوا يعطون الصدقة أطوع ما يكون إلى أن فشل ريح الدولة واعتزت العرب فصاروا يمنعون الصدقة إلا في الأقل يغلبهم السلطان على إعطائها.
ولما استولى السلطان أبو عنان على تلمسان أعوام خمسين وسبعمائة وفر صغير بن عامر إلى الصحراء ونزل عليهم واستجار بهم فأجاروه ونزل السلطان عليهم ذلك فأجمعوا نقض طاعته وأقاموا معه بالصحراء وصغير متولي كبر ذلك الخلاف حتى إذا هلك أبو عنان وكان من سلطان أبي حمو بتلمسان ما نحن ذاكروه وزحف بنو مرين إلى تلمسان ففر منها أبو حمو وصغير ونزلوا عليهم فأوقعوا بعسكر بني مرين بنواحي تلمسان واتسع الخرق بينهم وبين بني مرين فانحازوا إلى أبي حمو وسلطانه وأقطعهم بضواحيه ثم رجعوا إلى أوطانهم بعد مهلك السلطان أبي سالم أعوام ثلاث وستين وسبعمائة على حين اضطراب المغرب بفتنة أولاد السلطان أبي علي ونزولهم بسجلماسة فكان لهم في ذلك الفتنة آثار إلى أن انقشعت.
ثم كان لأحمر بن رحو مع أبي حمو جولة وأجلب عليه بأبي زيان حافد أبي تاشفين فقتل في تلك الفتنة كما نذكره ثم اعتدوا على الدولة من بعد ذلك وأكثر مغارم درعة لهذا العهد وأقطع لهم ببلاد تادلا والمعرر من تلك الثنايا التي منها دخولهم إلى المغرب للمربع والمصيف ولميرات الأقوات وسجلماسة من مواطن إخوانهم الأحلاف كما نذكره وليست من مواطنهم فأما درعة فهي من بلاد القبلة موضوعة حفا في الوداي الأعظم المنحدر من جبل درن من فوهة يخرج منها وادي أم ربيع ويتساهل إلى البسائط والتلول ووادي دريعة ينحدر إلى القبلة مغربا إلى أن يصب في الرمل ببلاد السوس وعليه قصور درعة وواد آخر كبير أيضا ينحدر إلى القبلة مشرقا بعض الشيء إلى أن يصيب في الرمل دون تيكورارين وفي قبلتها.
وعليه من جهة المغرب قصور توات ثم بعدها تمنطيت ثم بعدها وركلان.
وعندها يصب في الرمل وفي الشمال عن ركان قصور تسابيت وفي الشمال عنها إلى الشرق قصور تيكورارين والكل وراء عرب الرمل وجبال درن هي الجبال العظمية الجاثمة سياجا على المغرب الأقصى من آسفي إلى تازي وفي قبلتها جبل نكيسة لصنهاجة وآخره جبل ابن حميدي من طرف هسكورة ثم ينعطف من هنالك جبال أخرى متوازية حتى تنتهي إلى ساحل بادس من البحر الرومي وصار المغرب لذلك كالجزيرة أحاطت الجبال به من القبلة والشرق والبحر ومن المغرب والجوف واعتمر هذه الجبال والبسائط التي بينها أمم من البربر لا يحصيهم إلا خالقهم والمسالك بين هذه الجبال إلى المغرب منحصرة ثم معدودة وبأزاء القبائل المعتمرين لها كاظة ومصب وادي درعة هذا إلى الصحراء والرمال ما بين سجلماسة وبلاد السوس ويمتد إلى أن يصب في البحر ما بين نون ووادان وحفافيه قصور لا تحصى شجرتها النخل وقاعدتها بلد تادنست بلد كبير يقصده التجر للسلم في النيلج وانتظار خروجه بالصناعة ولأولاد حسين هؤلاء استيلاء على هذا الوطن ومن بإزائه في فسيح جبلة من قبائل البربر صناكة وغيرهم ولهم عليهم ضرائب وخفرات ووضائع ولهم في مجابي السلطان أقطاعات ويجاوروهم الشبانات من أولاد حسان من ناحية الغرب فلهم بسبب ذلك على درعة بعض الأتاوات.
وأما الأحلاف من ذوي منصوروهم العمارنة والمنبات فمواطنهم مجاورة لأولاد حسين من ناحية الشرق وفي مجالاتهم بالقفر تافيلات وصحراؤها وبالتل ملوية وقصور وطاط وتازي وبطوية وغساسة لهم على ذلك كله الآتاوات والوضائع وفيها الأقطاعات السلطانية وبينهم وبين أولاد حسين فتنة ويجمعهم العصبية في فتنة من سواهم ورياسة العمارنة في أولاد مظفر بن ثابت بن مخلف بن عمران وكان شيخهم لعهد السلطان أبي عنان طلحة بن مظفر وابنه الزبير ولهذا العهد محمد بن الزبير وأخوه موسى ويرادفهم في رياستهم أولاد عمارة بن قلان بن مخلف فكان منهم محمد العائد ومنهم لهذا العهد سليمان بن ناجي بن عمارة ينتجع في القفر ويكثر الغزوا إلى اعتراض العير وقصور الصحراء.
ورياسة المنبات لهذا العهد لمحمد بن عبد بن حسين بن يوسف بن فرج بن منبا وكانت أيام السلطان أبي عنان لأخيه علي من قبله وترادفهم في رياستهم ابن عمهم عبد الله بن الحاج عامر بن أبي البركات بن منبا والمنبات والعمارنة اليوم إذا اجتمعوا جميعا يكثر أولاد حسين وكان للمنبات كثرة لأول دولة بني مرين وكان خلفهم مع بني عبد الواد وكان مقدمه يغمراسن بن زيان في افتتاح سجلماسة وتملكها من أيدي الموحدين ثم تغلب بنو مرين عليها وقتلوا من حاربها من مشيختهم مع بني عبد الواد ثم أوقعوا بالمنبات من بعد ذلك في مجالاتهم بالقفر واستلحموهم فنقص عددهم لذلك آخر الأيام والله مالك الأمور لا رب سواه.